loader image
الرجوع

البلديات والتحول الرقمي في المدن العربية: من منظور التطوير المؤسسي

EN AR 09 فبراير 2025

يشهد العالم اليوم ثورة تقنية هائلة في مجال التحول الرقمي، ويشمل هذا التحول الكبير جميع مجالات الحياة في المناطق الحضرية. وقد أدركت المدن في جميع أنحاء العالم أهمية تبني أدوات التقنية الحديثة التي تحقق أهدافها المتمثلة في تعزيز جودة الحياة، والفرص الاقتصادية، والاستدامة، وجذب الاستثمارات وغيرها من الأهداف، بما يتوافق مع أجندات التنمية الحضرية العالمية، مثل: أهداف التنميةالمستدامة والأجندة الحضرية الجديدة. ولا يُعدّ التحول الرقمي تحولً تقنيًا فقط، بل يُشكّل تغيّرًا جوهريًا في كيفية إدارة المدن، وأساليبها في التصدي للتحديات الحضرية المتشعبة، وذلك من خال توظيف الحلول التقنية المتطورة. وبالنسبة للمدن، يسمح التحول الرقمي إدارةالموارد بكفاءة عالية، وتحسين الخدمات، وضمان مشاركة أكبر قدر من السكان. ويمكن لصنّاع القرار الاستفادة من الكم الهائل من البيانات التي تنتجها المدن، في اتخاذ قرارات مدروسة تستفيد منها المجتمعات الحضرية بشكل مباشر، لإدارة الحركة المرورية، وتعزيزالسامة العامة، وتسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية.

وكمثيلاتها من مدن العالم، تواجه المدن العربية العديد من التحديات، بما في ذلك القضايا المتمثلة بالضغوط الديموغرافية، والتغيرات المناخية، وإشكاليات إدارة الموارد والنقل الحضري. ومع استمرار النمو السكاني في المناطق الحضرية، يتعين على هذه المدن التصدي للضغوط التي تعاني منها البنية التحتية، وخدمات الصحية والاجتماعية، كما يجب عليها أيضاُ أن تتكيف مع التحولات البيئية وقلةالموارد. و في هذا السياق، تُعد المرونة الحضرية، والتي تُعرّف بقدرة المدن على التكيف مع الصدمات المستقبلية والتعافي منها،والاستعداد لها، أمر في غاية الأهمية في عالم يعاني من المخاطر المعقدة والمتداخلة. تُقدم الحلول الذكية والرقمية في المنطقة العربية للمدن الأدوات اللازمة لتعزيز قدرتها على مجابهة الكوارث، وتحسين استخدام الموارد، وضمان استمرار الخدمات الضرورية. فعلىسبيل المثال، يمكن للمنصات الرقمية التي تتكامل مع البيانات الآنية أن تُحسّن أنظمة الاستجابة للحالات الطارئة، في حين تستطيع البنيةالتحتية الذكية، مثل: شبكات الطاقة وأنظمة إدارة المياه، أن تتكيف مع الظروف المتغيرة بشكل حيوي.

يستعرض هذا التقرير التحول الرقمي في المدن العربية، مسلطًا الضوء على كيفية تعزيز إدارة الموارد، وتحسين جودة الخدمات، وتفعيل المشاركة المجتمعية باستخدام التقنيات الرقمية المتنوعة، من خلال وصف للحالات المختلفة في كيفية استخدام التقنية الرقمية وأثرها في عمل المدن والسلطات المحلية. كما يؤكد التقرير على أهمية خمس ركائز استراتيجية أساسية للتحول الرقمي المستدام، وهي: الاستراتيجية والقيادة، والإجراءات الداخلية، والموارد البشرية والمهارات، والموارد المالية، وتعاون الجهات المعنية. ومن خلال استعراض هذه الركائز، يُبيّن التقرير الآلية التي تعمل بها هذه المدن لبناء اقتصادات ومجتمعات وبيئات حضرية رقمية.

في هذا التقرير، تقدم المربعات التوضيحية الموجودة في مواقع مختلفة، أمثلة ملموسة لكيفية تعامل المدن مع تحديات التحول الرقمي. هذه الأمثلة مستمدة من المقابلات ووثائق المشاريع التي قدمها ممثلو المدن والخبراء، مما يوفر رؤى قيمة حول الأساليب العملية والدروس المستفادة. ويناقش الفصل الثالث أهمية الاستراتيجية والقيادة، ويحلل الاختلافات في الاستراتيجيات الرقمية في المدن العربية، وتركيزها المتنوع، ووزن الاستراتيجيات الرقمية الوطنية، وكيف للأساليب القيادية المختلفة أن تؤطر الأولويات والاستراتيجيات. ويركز التقرير في الفصل الرابع على التغييرات المؤسسية التي يقتضيها التحول الرقمي، ويغطي الطريقة التي يعمل بها التحويل الرقمي في إعادة تشكيل الهياكل البلدية التنظيمية، وكيفية التأثير في عمليات التنسيق بين الادارات، والتعامل مع مقاومة بعض الموظفين البلديين للتحول الرقمي. ويتناول الفصل الخامس الدور المهم للمهارات والموارد البشرية، ويحدد الفجوات المستمرة في الكفاءات الرقمية، واتجاهات التوظيف، وتأثير التعاون الدولي على جهود بناء القدرات في المدن. ويُبيّن الفصل السادس البعد المالي للتحول الرقمي، حيث يتطرق إلى دراسة مناهج التمويل المتنوعة، والاعتماد على التمويل الخارجي، والآثار المترتبة في استقلالية العمل البلدي والمرونة في تنفيذ المبادرات الرقمية. وأخيرًا، يسلط الفصل السابع الضوء على التعاون والمشاركة، مستعرضًا نماذج مختلفة للتعاون وموضحًا دور الشمولية الرقمية في سد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى تعزيز المشاركة العادلة للسكان في الحوكمة البلدية. يختتم الفصل الأخير بعرض موجز للنتائج الرئيسة المستخلصة من المحاور المتنوعة للدراسة، لتقديم رؤية شاملة حول التحول الرقمي في المدن العربية.