loader image
الرجوع

إدارة التراث الحضري في المدن العربية

EN AR 28 مايو 2025

ارتباطها الوثيق بتراثها، وخير مثال على ذلك روائع المعالم المصرية الشامخة، والعمارة الإسامية المهيبة في الأراضي المقدسة بالحجاز، والإرث الثقا في العريق للمغرب العربي. وبالتالي، بات تعزيز هذا الارتباط والحفاظ عليه من أبرز أهداف المدن في كافة أنحاء المنطقة العربية. ولكن من الجدير بالملاحظة أن الإجراءات المتبعة في البلديات والجهات الحكومية المحلية في حوكمة وإدارة هذا التراث تختلف وفقًا لنوع التراث وللسياق القانوني، والمؤسسي، والاجتماعي، والاقتصادي للمدينة.

وإيمانًا بقيمة ومكانة التراث الحضري في البلدان العربية، جاء هذا التقرير بعنوان )إدارة التراث الحضري في المدن العربية-رؤى وممارسات البلديات(، بهدف تبادل هذه الرؤى والأفكار مع البلديات حول السياسات والممارسات السائدة في المنطقة العربية فيما يتعلق بمجال إدارة التراث الحضري. وقد تم استلهام التقرير من الاستيعاب الشامل لمفهوم التراث كأصل اجتماعي، وثقا في، واقتصادي، يتم الحفاظ عليه من الماضي ليكون بمثابة ذاكرة للشعوب وأداة لتشكيل وصياغة المستقبل للأجيال القادمة. وتعتمد عملية إدارة التراث الحضري على عِدّة مناهج مختلفة تم تبنيها مختلف أنحاء العالم، وأبرز هذه المناهج هو )المشهد الحضري التاريخي( الذي يشدد على أهمية دمج إدارة التراث والسياسات مع الأهداف الشاملة للتنمية الحضرية المستدامة. وكونها من المسؤوليات التي تقع على عاتق البلديات، تعتمد إدارة التراث بشكل كبير على نظام حوكمة ماهر ومتكامل بصورة جيدة مع القطاعات والوظائف الأخرى، كما يتماشى هذا النظام مع إطار قانوني، ومؤسسي، ومالي ملائم.

يستخدم هذا التقرير دراسات الحالة الواردة فيه كمنصة يتم من خلالها إشراك القارئ في نقاش مستفيض حول كيفية إدارة المدن لتراثها الحضري، حيث يتركز هذا النقاش حول ثلاثة محاور رئيسة تتعلق بمستويات إدارة المدينة وهي: الرؤية والسياسات المؤسسية، الاستراتيجيات والخطط، والآليات التنفيذية والإدارية، مع تقديم مجموعة من التوصيات خاصة بكل مستوى، وتركز هذه التوصيات على عُدّة قضايا، بما فيها الحق في التراث، وأهمية تكييف الأًطر العالمية للتراث الحضري مع السياقات المحلية، والدور الحيوي الذي تؤديه خطط إدارة الحفاظ على التراث، مع التأكيد على أهمية برامج التدريب الأكاديمي والمهني، وقيمة الأطر التشاركية. ومن خال إلقائه الضوء على مختلف التجارب والاستراتيجيات المُنفّذة في مدن المنطقة العربية، يُعدُّ هذا التقرير بمثابة مورد ذا قيّمة عالية لصناع السياسات، ومخططي المدن وخبراء التراث الذين يبذلون ما في وسعهم من أجل الحفاظ على التراث الحضري ودمجه في المشهد الحضري المعاصر. وإلى جانب ذلك يشدد التقرير على أهمية تعزيز نماذج حوكمة شاملة ومتكيّفة تضمن ألا يُنظر إلى الحفاظ على التراث كعائق أمام التنمية، بل كحافز للابتكار، والتماسك، الاجتماعي، والازدهار الاقتصادي.

تضم قائمة اليونسكو للتراث العالمي 26 مدينة وبلدة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحدها. وتتباين التحديات التي تواجهها المدن العربية عندما يتعلق الأمر بإدارة التراث حسب السياق الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي. وتتمثل هذه التحديات في القضايا المتعلقة بالبنية التحتية والخدمات، والتوسع الحضري السريع، وتغير الطابع الحضري، والفقر الحضري، وعدم توافر الأنظمة وغيرها. ومن خال الدراسة المتعمقة التي أجريت على تسع مدن في المنطقة العربية، تطرق هذا التقرير إلى أفضل المناهج المبتكرة والمحلية لإدارة التراث الحضري التي اعتمدتها بعض المدن العربية وهي ذات صلة بمدن أخرى في المنطقة. كما سلطت دراسات الحالة الضوء على مناهج، مثل: السياسات الشاملة وممارسات التراث المتكاملة والتشاركية في تونس والمغرب، والتجديد الحضري بعد الاضطرابات في العراق، والممارسات الناشئة لربط التراث بشكل مباشر بالعمل المناخي في السودان، ودمج المجتمعات المحلية في إدارة التراث في عمان، والطبقة المتنامية من المتخصصين المستقلين في مجال الحفاظ على التراث في مصر، والاستثمار المستهدف في إدارة وإحياء التراث في الخليج، والجهود المبذولة لبناء توافق الآراء حول قيمة التراث في الأردن، وتؤكد جميع المناهج على تنوع الممارسات المتبعة في المنطقة العربية.

ومن خال الاطاع على التقرير نجد أن كل دراسة حالة عملت على تقديم رؤى وممارسات تتعلق بالسياق الخاص بالتراث، والإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكمها، وأبرز القضايا التي تواجه هذه المدن. ومن ثم يتناول التقرير بالتفصيل مشروعًا أو مبادرة مُحددة في المدينة المعنية وأبرز الدروس المُستفادة من تنفيذ المبادرة أو المشروع. وبالإضافة إلى ذلك،