الرياض تختتم منتدى حوار المدن العربية الأوروبية بإجماع دولي على بناء شراكات حضرية مستدامة بمشاركة أكثر من 100 مدينة و 50 منظمة دو لية
الرياض – 11 إلى 13 مايو 2025
اختتمت العاصمة السعودية الرياض أعمال منتدى حوار المدن العربية الأوروبية في نسخته الأولى، الذي استضافته أمانة منطقة الرياض بشراكة مع المعهد العربي لإنماء المدن تحت شعار “شراكات المدن لمستقبل أفضل”، بمشاركة رفيعة المستوى شملت أمناء المدن ورؤساء البلديات والمحافظين، إلى جانب نخبة من الخبراء الحضريين وممثلي المنظمات الدولية والبنوك التنموية والاتحادات البلدية من الجانبين العربي والأوروبي.
على مدى ثلاثة أيام، تحوّلت الرياض إلى منصة فاعلة للحوار الحضري البنّاء، حيث ناقش المشاركون أبرز التحديات التي تواجه المدن في ظل التغيرات المناخية، والنمو السكاني، والتحول الرقمي، مؤكدين على ضرورة تعزيز الدبلوماسية الحضرية، وبناء شبكات تعاون طويلة الأمد بين المدن، بما يسهم في تحسين جودة الحياة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
نقاشات نوعية وزيارات ميدانية
شهد المنتدى سلسلة من الجلسات الحوارية وورش العمل التخصصية، تناولت محاور حيوية أبرزها: التغير المناخي والتخطيط الاستراتيجي، التمويل الحضري المبتكر، التحول الرقمي في الإدارة البلدية، وبناء الجسور بين المدن عبر التعاون الثقافي والمعرفي. كما نُظمت جلسة ملتقى “قادة المدن”، برئاسة صاحب السمو الأمير الدكتور فيصل بن عبد العزيز بن عيّاف، أمين منطقة الرياض ورئيس المعهد العربي لإنماء المدن، والتي خلصت إلى اختيار العاصمة الإسبانية مدريد لاستضافة النسخة المقبلة من المنتدى في عام 2027، تأكيدًا على استمرارية الحوار وبناء جسور التواصل الحضري.
وضمن جدول الفعاليات، زار قادة المدن والوفود المشاركة عدداً من المشاريع الكبرى والمعالم البارزة في الرياض، مثل مشروع المسار الرياضي والمنطقة التاريخية ومركز الملك عبد الله المالي (KAFD)، للاطلاع على تجارب التنمية الحضرية التي تشهدها المدينة.
توقيع اتفاقيات استراتيجية
شهد المنتدى توقيع ثلاث اتفاقيات استراتيجية متميزة بين المعهد العربي لإنماء المدن وعدد من الشركاء الدوليين، بما يُجسد تطلع المعهد للاضطلاع بدور قيادي كمنصة إقليمية لتعزيز التنسيق والتعاون في مجالات التنمية الحضرية:
- لاتفاقية الأولى مع منظمة المدن العالمية الكبرى (Metropolis) لإطلاق البرنامج الدولي لدبلوماسية المدن، يستهدف تطوير القيادات البلدية وتعزيز الحوكمة الحضرية.
- الاتفاقية الثانية مع مؤتمر ومعرض المدن الذكية العالمي (Smart City Expo World Congress) لدعم تنظيم برامج علمية متخصصة في التحول الرقمي حتى عام 2027م.
- الإعلان عن مشروع إقليمي للتخضير الحضري بشراكة مع بلدية تونس، وبدعم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ويركز على تطوير الفراغات العامة وتحويلها إلى مساحات خضراء مجتمعية.
توصيات وخارطة طريق للتكامل
في الجلسة الختامية، خرج المشاركون بجملة من التوصيات أبرزها: ضرورة ترسيخ شبكات التعاون المستدامة بين المدن العربية والأوروبية، وتطوير آليات تمويل حضري أكثر مرونة، وتفعيل مشاركة المجتمع في صنع القرار، بالإضافة إلى أهمية التوأمة بين المدن وتبادل الخبرات العملية في مجال البنية التحتية والخدمات، وأكد سمو الأمير الدكتور فيصل بن عيّاف أن استضافة الرياض لهذا المنتدى يعكس التزامها بأن تكون مدينة رائدة في تشكيل مستقبل المدن المستدامة والذكية، مشيراً إلى أن اللقاء مثّل فرصة ثمينة لبناء علاقات استراتيجية بين العواصم والمدن الكبرى.
من جانبه، وصف سعادة الدكتور أنس بن مفرح المغيري، مدير عام المعهد العربي لإنماء المدن، المنتدى بأنه نقطة تحول في مسار الحوار الحضري العربي الأوروبي، لافتاً إلى أن ما تحقق من نتائج وشراكات خلال المنتدى سيتحول إلى برامج ومبادرات عملية خلال المرحلة المقبلة.
إشادة دولية واستعداد للنسخة القادمة
اختُتمت أعمال المنتدى وسط إشادة كبيرة من الوفود المشاركة بحُسن التنظيم، وتنوع الموضوعات المطروحة، وثراء النقاشات، وجودة المخرجات. وأكد المشاركون أهمية ترسيخ المنتدى كمنصة دورية للحوار الحضري تجمع صُنّاع القرار والخبراء من العالم العربي وأوروبا، بما يسهم في تبادل الخبرات وتعزيز التعاون، ويدعم جهود المدن في تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة على المستويين الإقليمي والدولي، ومع إسدال الستار على النسخة الأولى من المنتدى، عززت الرياض مكانتها كمركز إقليمي للحوار الحضري، وكمساحة مفتوحة للتجارب الملهمة والمبادرات الرائدة التي تُسهم في إعادة تشكيل ملامح المدن، نحو مستقبل أكثر ذكاءً وإنسانيةً وترابطاً بيئياً واجتماعياً.
